متحف نابو يوثق بدايات الصحافة العربية بمبادرات فردية لحفظ التاريخ

جواد عدره: هؤلاء هم الثوار الحقيقيون

جواد عدره: هؤلاء هم الثوار الحقيقيون

165 عاماً مرت على إصدار خليل جبرائيل الخوري أول صحيفة لبنانية حملت اسم "حديقة الأخبار". لبنان الذي كان لرواده دور كبير في نشأة الصحافة العربية، يلعب اليوم دوراً هاماً في توثيق هذه البدايات، عبر معرض أقامه متحف "نابو" لنشر الوعي والمحافظة على الإرث العربي الثقافي المشترك.


المعرض الذي امتد من شهر حزيران حتى أيلول من العام 2023، أطلق من خلاله الباحث بدري الحاج، أحد مؤسسي متحف "نابو" وشركاءه جواد عدره، زينة عكر وفداء جديد،  نداءً "لإنقاذ التراث الصحافي العربي من الاندثار، والعمل على حفظه بوسائل حديثة، كي يكون في متناول الباحثين، لأنّه من دون معرفة الماضي والاتعاظ من دروسه، لا نستطيع النهوض مستقبلاً".


تحرك متحف "نابو" أتى بعد محاولات عدة بدأت منذ القرن التاسع عشر لإحصاء عدد الصّحف والمجلّات العربيّة الصّادرة حول العالم، إلا أنها على أهميّتها، لم تستطع تقديم رقم صحيح. 


ضم المعرض الذي احتوى على 400 صحيفة من العصر الذهبي، ما جمعه بدر الحاج طيلة عقود من مجموعات من أعداد الصحف والمجلات العربية الصادرة حول العالم، لاسيما بعدما استرعى انتباهه المخاطر الجمّة على إمكانية فقدانها واندثارها. لذا سعى إلى تنظيم هذا المعرض من خلال تقديمه مختارات متنوعة من نماذج نادرة ومحدودة جداً، تلقي الضوء على مراحل البدايات، من مجموعته ومجموعات خاصة أخرى من لبنان وبعض العواصم العربية.


معرض "بدايات الصحافة العربية" احتوى على مجموعات من نماذج بدايات الصحف والمجلات العربية بين عام 1858 وعام 1930، كي تكون بمثابة شهادات على طلائع الصحافة العربية التي ثارت على الظلم، متخطّية ما بينها من فوارق سياسية واجتماعية، ولتكشف عن وقائع سياسية ونضالات اجتماعية وثقافية تمحورت حولها مهنة الصحافة، في دعمها المطلق لمطالب الحرّية والعدالة.


عُرضت في متحف "نابو" نماذج الأعداد الأولى للصحف والمجلات العربية وخصوصا اللبنانية، المصرية ،السورية والفلسطينية والعراقية. كما الصحف العربية الصادرة في بلدان الاغتراب، والدوريات التي تنوّعت بين علمية وأدبية وسياسية وإعلانية وفنّية. وقد استغرق جمعها كلها في مكان واحد ما يقارب 40 عاماً.  


المتحف سلط الضوء على العديد ممن ساهموا في إنشاء الصحف العربية، أمثال جبران تويني الذي أسس جريدة "الأحرار المصورة" عام 1926، ومحمد صلاح الدين الذي كان له الفضل بإنشاء الجريدة الهزلية "السعدان" التي صدرت في سنتها الأولى العام 1912 في مدينة طرابلس- الشام، كذلك سليم الأنسي، صاحب صحيفة "روضة المعارف"، الذي أنشأ في العام 1893 أول مطبعة في بيروت استخدمت الحروف الأميركية، وغيرهم الكثير.


هؤلاء المؤسسين وصفهم جواد عدره، أحد مؤسسي متحف "نابو"، خلال افتتاح المعرض، بـ"صانعي عصر التنوير الذين تركوا أثرهم العميق في لغتنا وفكرنا ونهضتنا". وقال: "لعصر التنوير، بدءا من أواسط القرن التاسع عشر، رواد لا تعرفهم الأجيال الجديدة. رواد صنعوا التاريخ الثقافي، الفكري، اللغوي، الفلسفي والعلمي لهذه المنطقة، طوروا اللغة العربية وركزوا على أهمية الفلسفة والعلوم والأدب والشعر ودعوا الى نبذ الطائفية ومقاومة الاستبداد والاحتلال. هؤلاء كانوا الثوار الحقيقيين، ونحن بحاجة للاستقاء منهم لبدء شرارة ثورة ثقافية جديدة".

 

هذا الأمر أكد عليه جواد عدره في حديث لموقع "أساس ميديا"، حيث دعا إلى "استذكار جهود كبيرة أطلقت ثورة ثقافية عابرة للزمان والمكان، والاستلهام من مسيرتها لخدمة لبنان والمنطقة والأجيال المقبلة... فبيروت عاصمة الإعلام العربي لعام 2023، وكان من المهمّ لدينا أن يشمل المعرض كلّ الدول العربية". وأكد عدره أن هذا المعرض هو "الأول من نوعه في المنطقة"، بسبب شموليته التي مكنت من رؤية التاريخ بالصور والوقائع".


تعليقات